عسكري أمريكي: مرتزقة شركات خاصة قتلوا مدنيين خلال حرب العراق
عسكري أمريكي: مرتزقة شركات خاصة قتلوا مدنيين خلال حرب العراق
كشف عسكري أمريكي متقاعد، في حديث خاص لوكالة "نوفوستي" الروسية، نُشر أمس الجمعة، عن ضلوع شركات عسكرية خاصة أمريكية في قتل مدنيين عراقيين خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مشيراً إلى أن هذه الجرائم ارتُكبت دون محاسبة قانونية في معظم الحالات، ما فاقم مشاعر العداء ضد القوات الأمريكية بين العراقيين.
وأوضح المتحدث، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أنه شارك في مهام عسكرية في العراق ويوغوسلافيا، وشهد بنفسه حوادث إطلاق نار على مدنيين عراقيين نفذها أشخاص لا ينتمون إلى الجيش الأمريكي، بل كانوا موظفين في شركات أمنية خاصة.
وبيّن أن السكان المحليين لم يستطيعوا التمييز بين الجنود الأمريكيين الرسميين والمرتزقة المتعاقدين، نظراً لتشابه الزي والسلاح واللغة.
وقال العسكري المتقاعد: "أتذكر حوادث كانوا يطلقون الرصاص فيها على المدنيين، ليتضح لاحقاً أنهم ليسوا من الجيش، بل من موظفي الشركات، لكن كيف يمكن لسكان الموصل أو الفلوجة التمييز؟ بالنسبة لهم، كل من يتحدث الإنجليزية ويحمل رشاشاً هو عدو".
بلاك ووتر في دائرة الاتهام
اتهم العسكري المتقاعد، بشكل مباشر، شركة بلاك ووتر الأمريكية، ذات السمعة السيئة، بأنها كانت الفاعل الأبرز في عمليات القتل والانتهاكات ضد المدنيين، مؤكداً أن عناصر هذه الشركة كانوا يتجنبون أي مساءلة قانونية أو عقاب لفترة طويلة، رغم تعدد الشكاوى وتقارير الانتهاكات.
وأضاف: "لم تكن هذه التصرفات تهدد المدنيين فقط، بل كانت تؤثر في سلامة الجيش الأمريكي ذاته، إذ أدت إلى تصعيد الكراهية والرفض الشعبي ضد الوجود الأمريكي برمته، سواء أكان رسمياً أو خاصاً".
وأقر العسكري بأن بعض الموظفين في هذه الشركات تمت محاكمتهم لاحقاً ونالوا أحكاماً بالسجن، لكنه أشار إلى أن ما تم كشفه هو الجزء الظاهر فقط من الانتهاكات، في حين ظل القسم الأكبر بعيداً عن العدالة.
وذكر أن حجم الكارثة أكبر بكثير مما وصل إلى الإعلام أو القضاء، معتبراً أن "السكوت الدولي والتواطؤ السياسي أسهم في طمس الجرائم"، خاصة في ظل تغطية قانونية سمحت لهذه الشركات بالعمل دون قيود، وبحصانة شبه كاملة داخل مناطق الصراع.
من تكون بلاك ووتر؟
تأسست شركة بلاك ووتر الأمريكية في عام 1997 على يد إريك برينس، وبرز اسمها خلال حرب العراق بعد عام 2003، عندما تعاقدت معها وزارة الدفاع الأمريكية لتنفيذ مهام أمنية ومرافقة قوافل الدبلوماسيين الأمريكيين.
لكن الشركة تورطت في سلسلة من الفضائح الدامية، أبرزها مذبحة ساحة النسور في بغداد عام 2007، التي قُتل فيها 17 مدنياً عراقياً، بينهم نساء وأطفال، برصاص عناصر الشركة.
وعلى الرغم من تقديم عدد من عناصر الشركة للمحاكمة، فإن مؤسسها وقياداتها ظلوا في منأى عن المحاسبة، في حين واصلت الشركة تغيير أسمائها والتوسع في مناطق أخرى، مثل أفغانستان وليبيا وإفريقيا.
تداعيات إنسانية وأخلاقية
أسهمت تجاوزات الشركات العسكرية الخاصة في العراق، بحسب شهادات متعددة من داخل الجيش الأمريكي، في إضعاف مصداقية واشنطن لدى العراقيين، وتقويض أي جهود لبناء الثقة أو المصالحة.
وأثارت تلك الانتهاكات نقاشاً واسعاً داخل المجتمع الأمريكي حول دور المرتزقة وحدود التفويض العسكري والخصوصية الأخلاقية للتدخلات الخارجية.